البحر بين الغدر والوفاء خاطرة من تأليف المهاجر
البحر بين الغدر والوفاء
تشعر احيانا انك تريد انصاف شخص ما ووصفه بما يليق به او يستحقه
فيمتنع القلم ، وتتناثر الكلمات ، وتغيب السطور ، وتتطاير الصفحات ، ويعجز الوصف ، وتحتار في شخصيته
أمام موج عاتي من الإدعاءات والإتهامات والإفتراءات الباطلة وأمام صمت رهيب وسكوت عن حقيقة يتجمل بها ذلك
الشخص الموصوف ، وقد تتهم أحيانا بنفسك لتبنيك وحملك مثل هذه الكلمات والمعاني الجميلة التي هي صدق نفس وازالة لثام لحقائق مدفونة يغفل عنها كثير
من الناس وربما يكونوا تغافلوا عنها لضعف نفس وشخصية او هروب من وجه الحقيقة حتى ما يخالف التيار ، وربما يكونوا من اناس ماتت أقلامهم وجفت لا هي بحق ولا هي بباطل
البحر بين الغدر والوفاء عنوان رسالتي وعبير اقلامي وخلاصة مخيلتي وحصيدة أوراقي
البحر مخلوق عجيب وشخص حائر بين من إتهمه بأنه خائن غادر وبين من وصفه بالوفاء
قد لا تجد شخصاً يكون لك وفي صادق أو يعرف معنى الوفاء مع العمل به أكثر من البحر … لا تعجب
فهو يحبك ، ويقدرك ، ويعرف قيمتك ، ويفهمك بوضوح دون تفصيل بل ويعطيك من قلبه دون مقابل وبلا حزن ، وهو أكثر شخص يعرف طبيعتنا وطريقة تعاملنا ووفائنا
واسرارنا بل وتعاملنا مع نفسنا ومع كبر حجمه وامتداد اضلاعه وكثرة امواجه وبقائه طيله هذه الدهور فهو لا شك ولا ريب انه مدرسه يحمل اجمل المعاني ليكفل
لك حياة هادئة ونفس طيبة ، وهو أيضا لا يقبل الخطأ ولا الإتهامات الباطلة وقادر على الإنتقام بعد إذن ربه ولكن ليس لنفسه ومع كل هذا وذاك حريص على بقائك على قيد الحياه
بأمان وسلام وهدوء فيعطيك من حياته لحياتك ومن خزينته الثمينة أغلى ما يملك دون شح او بخل ودون الانتظار لاي كلمة شكر او عرفان ينثر الحب والحنان ويعطف
على المجروح ويواسي المظلوم دون مقابل ويفرح لوجودك عنده باكيا لكنه يكره التعايش معنا
ركبت البحر يوما فانتابني شعور غريب فسألته ؟؟؟؟
يا بحر وصفت بالغدر .. فرد بحزن وقال : كذبوا
قلت له : يابحر كثيرة هي الوانك .. فتعجب وقال : قد لا تفهمني الآن
قلت له : الناس تحبك وتكرههم .. ابتسم وقال : لا يقبلون نصحي ولا يبالون بتحذيري لهم
قلت له : تعيش بعزله .. غضب وقال : احتضنهم واحميهم ومتسبب برزقهم وبقائهم أحياء
قلت له : علمتنا الصبر .. قال لي : البقاء محال والتأمل في الماضي هباء
قلت له : أسأت الظن فيك .. خنقنه العبرة وقال : كثير أمثالك
قلت له : أرتاح لكلماتك .. قال : إعمل بها
قلت له : اجد فيك وفاء .. قال : كن على حذر مني
قلت له : التمس فيك حنانا .. قال : الوحدة تعلم الإحترام
فقلت له : تعفو وتصفح .. قال : البقاء لله
استدرت وعدت وجلست على رمل شاطئه بليل اسود وكانت امواج الجزر تودعني على أمل اللقاء وهي تداعب اوراق الشجر المتساقطة وجمعا من الصخور
والحجارة المتناثرة المتأمله لجمال المنظر وعذوبة النسمات التي ارسلتها امواجه تقبل اطرافي بحزن أعجز عن وصفه
ثم قال لي : سالتني واجبت وقلت لك قد لا يكون متسع بالوقت لأكشف لك عن حقيقتي لكني أرفض ان أكون مكتوف الايدي ولا أقبل الاساءة من اي شخص
…. فقاطعته واخذت حجرا ورميته به وقلت له انت غدار
فاضطرب الماء وتغيرت صفحاته . . ثم عادت صفحاته وهدء في وقت قصير
في سكون ، وهدوء ، وصفاء ، وفتور
ثم عادت مثل ما كانت على مر الدهور .. وأراني صورتي صافية في محياه النضير
ثم صمت وتنهد وقال هكذا انا وهكذا انت جرحتني فعفوت وصفحت وعدت كما كنت
ثم قال : قلت لي غادر .. قلت لك كذبوا وكنت انت الغادر
قلت لي الواني كثيرة .. قلت لك لن تفهمني وكنت انت المتقلب
قلت لي الناس تحبك وتكرههم .. قلت لك لا يقبلوا نصحي .. وانت مثلهم
قلت لي تعيش بعزله .. قلت لك احتضنهم واحميهم .. وانت كنت بعيدا عني وجئت هنا تؤذيني
قلت لي علمتني الصبر .. قلت لك التأمل في الماضي هباء .. وانت تصر على تذكر الماضي
قلت لي اساءت الظن .. قلت لك كثير مثلك .. ومازلت مصر اني غادر
لذلك رميتني بحجر بعد كل هذا الوفاء عبر هذه السنين بلا تقدير ولا شكر بكى وابكاني وقال لي
اذا اردت ان تصف شخصا فاحرص على اعطاءه قدره ولا تكن امعه وكن منصفا وصادقا ولا تسئ الظن ابدا وانثر حبك دون مقابل واصبر فان الله مع الصابرين
وكن على حذر من اي شخص
مضيت هاربا اركض اركض اركض بشدة لغير هدف على رماله الناعمه فناداني وقال :
لا تهرب من الحقيقة وكن مثلي وفي ولكني ليست ضعيفا وحنونا ولكني قاسيا رجعت له واحتضنته ودموعي تتساقط على وجنته فقال لي : ارفق بنفسك فدموعك
غيرت صفحاتي الصافيه ، هدئت ونمت واخذت امواج البحر تأرجحني بدفء وحنان حتى افقت بصبح جميل على مدا
رقيقا راقياً يحتويني من جنباتي والطيور تغني وتشدوا اعذب الالحان ونسمات هادئة ورائحة ربيع وورود وشمس صافية وسماء زرقاء باهية
واسماك هنا وهناك تلعب بامواج البحر مسرورة بصبح جديد واشراقه جديدة
فقال لي : هؤلاء اصحابي كنت تراهم دائما في كل يوم ، ولم تكن تعلم معنى ما وجدوا من اجله مثلي انا تماماً فانا واحد منهم
قد اتفقنا ان لا نتركك ولا نفارقك ما دمت حي وان نكون عونا لك على تخطي الصعوبات ومقاومة الملمات وايات تقودك لحياة افضل خالية من المأساة
ودعتهم بفرح وسرور ورجعت لبيتي وغرفتي ومكتبتي اقلب اوراقي ولوحاتي التي اضعت فيها وقتي في رسم اشخاص كنت اظنهم اوفياء
في وقت كنت لا اعلم فيه انا لي اوفياء صادقين ينتظروني ليأخذوا بيدي نحو السعادة
بحر وشمس وزهور ونسمات وليل كنت اظنهم جمادات عندها علمت اني انا
من كنت جمادا واني اطلقت العنان لوهم اسمه الوفاء كنت انتظره من جمادات مثلي
استقلت وقررت الانسحاب من عالم يشبه التماثيل او مثل زهور البحر لكنها صناعية سامضي وابحر في عالم جديد مليء بالحب لا حدود له وصفاء نية
ونظر في معالي الامور وتجنب أدناها متكلا على ربي آخذأً باسباب سعادتي في الدنيا والاخرة
هذه رحلتي مع من كان صادقا معي
البحر أكثر شخص وفي يحبك ويقدرك ويعرف قيمتك وسبب لوجودك على قيد الحياه ... لكن كن على حذر منه
خواطر من تأليف المهاجر
الخميس : 25/3/1431 هـ الساعة 6:00 مساءاً
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)